تحليل إخباري | حول بداية نفاذ الوقت الأميركي للحرب

واشنطن لا ترى في وقف إطلاق النار المحدد، حتى لو طال أمده، بمثابة مركب في آلية تحرير الأسرى فقط، بل حيز زمني يجب استغلاله لخلق تسوية لفترة زمنية أطول، هو ليس حلا دائما بل لترتيب مسألة حكم غزة على الأقل

تحليل إخباري | حول بداية نفاذ الوقت الأميركي للحرب

(Getty Images)

في وقت أتاحت فيه الهدنة المؤقتة للغزيين التقاط أنفاسهم، فقد كشف إنجلاء دخان الحرب عن دمار غير مسبوق، ربما في العصر الحديث، أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية على مدى 50 يوما من عدوانها المتوحش على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام

وفي هذا السياق نقلت صحيفة" نيويورك تايمز" عن خبراء اعتبار استخدام إسرائيل المفرط لأسلحة كبيرة جدًا في المناطق الحضرية المزدحمة، بما في ذلك القنابل الأميركية الصنع التي يبلغ وزنها 2000 رطل والتي يمكن أن تسوي برجًا سكنيًا بالأرض، أمر مثير للدهشة، ونقلت عن المستشار العسكري لمنظمة "باكس" الهولندية ومحلل الاستخبارات السابق في البنتاغون، مارك غارلاسكو، قوله، "هذا يفوق أي شيء رأيته في حياتي المهنية".

وأشارت الصحيفة إلى أنه على النقيض من ذلك، اعتقد المسؤولون العسكريون الأميركيون في كثير من الأحيان أن القنبلة الأكثر شيوعًا - وزنها 500 رطل - كانت كبيرة جدًا بالنسبة إلى معظم الأهداف عند قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في المناطق الحضرية مثل الموصل في العراق والرقة في سورية.

وأوردت الصحيفة أن عدد القتلى من النساء والأطفال الذين سقطوا في غزة هو أكثر من ضعف عدد النساء والأطفال في أوكرانيا بعد عامين تقريبًا من الهجمات الروسية، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وأكبر مما قتل في العراق من نساء وأطفال على يد القوات الأميركية وحلفائها في العام الأول من غزو العراق عام 2003، وهو يقترب من العدد الذي قتل على أيدي الجيش الأميركي في أفغانستان خلال 20 عاما.

بالرغم من ذلك، فقد أثبتت الهدنة وصفقة تبادل الأسرى استمرار تماسك المقاومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس وسيطرتها على زمام الأمور في الميدان، ما يشير إلى أنها بعيدة عن أن تكون قريبة من نقطة انكسار سعى الجيش الإسرائيلي الى تحقيقها من وراء هذا الدمار والقتل الذي خلفه في القطاع، وهو ما عبر عنه المعلق السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع، بالقول إن "حماس مازالت قوية على الأرض"، معتبرا أن "كل الأحاديث عن انهيارها سابقة لأوانها، بل هي أحاديث تعبر عن رغبة داخلية ولا تعبر عن نظرة حقيقية للواقع".

ولفت برنياع إلى أن قوة حماس عبرت عن نفسها في قدرة المساومة التي أبدتها أمام الوسطاء وأمام إسرائيل، وطلباتها المتعلقة بشمال قطاع غزة الواقع بغالبيته تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، وليس جنوبها ووسطها فقط، وذلك خلال الأزمة التي اعترت أمس الدفعة الثانية من عملية تبادل الأسرى، مشيرا إلى أن سيطرة حماس ستتعمق أكثر خلال أيام الهدنة.

هذا في حين وصف المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، ذلك بحرب نفسية يشنها زعيم حماس، يحيى السنوار، ضد إسرائيل، لاستثمار ورقة الضغط التي يملكها لتحقيق الأهداف الرئيسية لهجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، مشيرا بأسف إلى "نجاح السنوار في تحقيق هذه الأهداف".

في غضون ذلك وبينما تتواصل جهود بعض الدول العربية والإسلامية إلى تثبيت وقف إطلاق نار طويل الأمد، لفت المحلل للشؤون العربية في "هآرتس"، تسفي برئيل، إلى تصريح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي قال فيه إن هدف إسرائيل في القضاء على حماس هو هدف شرعي لكنه صعب التحقيق، والذي فسروه في إسرائيل بأنه جاء في سياق التطرق لتبادل أسرى، فيما أعتبر برئيل تصريح بايدن، بمثابة اعتراف بصعوبة القضاء على حركة حماس، وهو ما يستدعي إدراك إسرائيل أن الولايات المتحدة بدأت تشكك في استكمال واحدا من أهداف الحرب.

ويذهب برئيل إلى الاستنتاج أن واشنطن لا ترى في وقف إطلاق النار المحدد، حتى لو طال أمده، بمثابة مركب في آلية تحرير الأسرى فقط، بل حيز زمني يجب استغلاله لخلق تسوية لفترة زمنية أطول، هو ليس حلا دائما بل لترتيب مسألة حكم غزة على الأقل، إن هذا التوجه من شأنه أن يغير ويسرع إستراتيجية الخروج من الحرب.

التعليقات